الأحد، 17 يناير 2010

إلى حفيدى

حتى الان لم اجد اى تفسير منطقى لكل مايحدث . لم اجد فى قرائاتى وكتبى - والتى اصطفها على ارفف دولابى المفتوحة ادرافه على الداوم _ اى مصطلح او مدلول يرشد عقلى الواهن الى ذلك التسلل المحكم حد الموت لكل الاحداث التى مررت بها إبتداءا من شاب لم تتعدى سنواته حد العشرون . لايملك من متاع الحياة سوى حلم يداعب امله ، والتى تبدو من فرط براءتها شديدة الهشاشة والسذاجه... كان التضارب بين اب يخبر ابنه، حين راه للمرة الاولى يخط على اوراق كراريسه كثير من الكلام قائلا له: بان الاسد ماهو الا عدة خراف مهضومه . وذلك حين اخبرته انى اخط روايتى الاولى ... ابتسم ، وقد ازداد إتكائه على مقعده المخصص ، وهو يخبرنى بضرورة الابحار بين الثقافات الاخرى حتى اتمكن من سرد ثقافتى الخاصه . اخبرنى بذلك ومضى إلى اجله دون ان يخبرنى بحقيقة الامر . هل مازال بامكانى ان اغدو اسدا ، ام هل سينتهى مصيرى كواحد من الخراف.. صدقته رغم الامر لأبدا بعدها إبحارى بين عقول الاخرين . عشقت فن السرد والروايه . عشقت الاسوانى فى جرائته ، وصاحبت خيرى شلبى فى اماكنه الشبوهة ، قابلته فى "وكالة عطيه" ، وعرفت منه كيف يكون "نسف الادمغة" ،وحكاية "عدل المسامير" . ورافقت الغيطانى فى "شطح المدينه"، و"مئون لاهرام" ، و"مطربة الغروب" و"دنا فتدلى "،.......وكثير . تسللت خلسة من وراء ديورانت لاعرف "قصة الحضاره" وكيف وصلنا الى هذا الحد من التدنى والاإنسانيه. ذهبت مع اصلان الى "بحيرة المساء" ،وعرفت منه قصة "يوسف والرداء"،و"عصافير النيل"، و"مالك الحزين" . جلست مع ميلان كونديرا ليخبرنى عن "كائن لاتحتمل خفته" وتشممت "العطر" من باتريك زوسكيند... قرات كثير وكثير ولم اكتفى بعد . اعتقد بانى قد اغدوا يوما اسدا كما اخبرنى والدى الذى تركنى ورحل بغتة ولم اعرف بانى قد غدوت احدى الخراف . احدى الخراف التى امست عشاءا لاسود اخرين . لم اعرف ذلك قبل حادثة تواجدى فى احدى المحلات اثناء مرور محافظ بلدتى برفقة حاشيته المخيفة وتواجده فى نفس المحل الذى كنت اتواجد فيه حينها . جذبنى رئيس حرسه بعنف حيث كان جزء من ذراعى يلامس جسد الإله دون ان ادرى . لم اشعر الا ويد غليظه تشدنى بعنف الى الوراء . للحظة لم استوضح الأمر ، الا انى اعترضت على الامر حين ادركته . باغتنى شعور بالمهانة والرغبة فى الدفاع عن كرامتى باسلوب لائق يبدو انه لم يعجب سيادة الإله ... اقصد المحافظ . وجدته يسبنى مشيرا الى عدم تربيتى . دافعت دون تردد عن كرامتى التى رايتها على المحك . بادرت بإفهامه ان وجوده فى مكان عام لايعنى سبه لمواطن من المفترض ان سبب وجوده هنا هو المحافظة على كرامته..لاإهانتها ، وانه مدين لى بإعتذار . قادتنى سذاجتى للإعتقاد بانى اقنعته . لم يتوانى فى طلب الشرطة ، والتى لم تمر لحظات حتى وجدت مئات الايادى قد جذبتنى لتقودنى الى سيارة الشرطه، والتى كانت فى انتظارى بالخارج . فجاة ودون ان استجمع تفكير وجدت نفسى امام ثلاثة من صغار الشرطة يتهكمون منى وكاننى مجنون وجب وضعه على الخاذوق . بادرنى احدهم وقد ارتسمت ملامحه بإبتسامة بلهاء قائلا : " اوعى تفكر نفسك يلا من طينه زى طينة المحافظ " . لم اجد ماأجيبه به ليس لضعف ولكن لادراك حقيقى بانه لن يوجد فى مصطلحاتى اى مرادف يمكن به الرد على شخص قد بلغ مثل هذا الحد من التدنى الفكرى والعقلى سوى السباب والشتائم ... الا انى قد تسائلت حينها : إذا كان من تحدث بذلك الهراء والقذاره هو الجنين ... فكيف يكون الوالد ؟!!! . انتهى المحضر بتهمة التهكم من سيادة المحافظ . اعجبتنى التهمة فلم احاول تغيرها او الدفاع عنها ، بل تركتها كوسام فى صدرى . فسذاجتهم قد منحت لى قصة بطوليه اسردها لابنى او ربما لحفيدى فى اوقات تسامرنا ، انتهى الامر ببياتى ليلة فى الحجز قد جعلتنى افكر كثيرا . عرفت ليلتها ماكان يعنيه والدى من قصة الاسد والخراف ، ولم اعرف إن كان مايدث لى هى الخراف التى تحدث والدى عنها والتى وجب اكلها ، ام اننى الان قد امسيت خروفا لواحد من الاسود . انتهى صباحى بعرضى امام هيئة النيابة . كنت اول قضية يتم عرضها على مدير النيابه ، ربما لغرابتها ،وربما لذلك الفضول الذى قد يكون اعتراه لمعرفة مرتكب تلك الحادثه . وقفت امام وكيل النيابة وقد جذب بصرى رسالة معلقة وراء مكتبه ، وهى رسالة عمر بن الخطاب إلى أبى موسى الأشعري عندما ولاه القضاء تقول : من عبد الله عمر أمير المؤمنين ..... إلى أبي موسى الأشعرى . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فإنَّ القضاء فَريضةٌ محكمة وسُنّة متّبعة فافهَمْ إذا أُدْلِيَ إليك فإنه لا ينفع تكلُّمٌ بحقّ لا نفاذَ له بين الناس في مجلسك ووَجهك حَتَّى لا يطمَعَ شريفٌ في حَيْفك ولا يَخافَ ضعيفٌ من جَورك . البيِّنةُ على من ادَّعى واليمينُ على من أَنكَر، والصُّلْحُ جائزٌ بين المسلمينَ إلا صلحاً حَرَّم حلالاً أو أحلَّ حراماً ولا يمنعنَّك قضاءٌ قضيتَه بالأمس فراجعتَ فيه نفسَك وهُدِيت فيه لرُشْدك أن تَرجِعَ عنه إلى الحقِّ فإنَّ الحق قديمٌ ، ومراجعةُ الحق خيرٌ من التَّمادِي في الباطل الفَهمَ الفهمَ عندما يتلجلج في صدرك ممّا لم يبلغْك في كتاب اللَّه ولا في سنَّة النبيّ صلى الله عليه وسلم اعرف الأمثالَ والأشباه وقِسِ الأمورَ عند ذلك ثم اعمِد إلى أحبِّها إلى اللَّه وأشبَهها بالحقّ فيما ترى واجعلْ للمدَّعِي حقّاً غائباً أو بيّنة أمداً ينتهي إليه فإن أحضَر بيّنَته أخذت له بحقّه وإلاّ وجّهتَ عليه القضاءً فإنّ ذلك أنْفىَ للشكّ وأجلى للعَمَى وأبلغُ في العُذر المسلمون عُدولٌ بعضُهم على بعض إلا مجلوداً في حدٍّ أو مجرَّباً عليه شهادةُ زورٍ أو ظنيناً في وَلاءٍ أو قرابة فإنّ اللَّه قد تولّى منكم السرائر ودَرأَ عنكم بالشبهات ثمّ إياك والقلقَ والضّجر والتنكُّرَ للخصوَم في مواطن الحقّ التي يُوجب اللَّهُ بها الأجر ويُحْسِن بها الذُّخر فإنّه من يُخلِصْ نيّتَه فيما بينه وبين اللَّه تبارك وتعالى ولو على نفسه يَكْفِهِ اللَّه ما بينَه وبين الناس ومَن تَزيَّنَ للناس بما يعلم اللَّه منه خلافَ ذلك هتَكَ اللَه سِتْره وأبدى فعله فما ظنُّك بثواب غير اللَّه في عاجل رزقه وخزائن رحمته . والســــــــــــــــــــــــــــــلام عــلـــــيـــــــــــــــــك.

تسربت الى بعض من الطمانينة فى استرداد حقى . فمن يقرا تلك الرسالة لابد وان يعتريه بعض العدل . فلم ارغب حينها سوى ببعض العدل ، وقد حسن ظنى حين وجدته يخبرنى بان مافعلته ليست جريمة اعاقب عليها . تحدثنا سويا بعقلانية وثقافة لمحتها فى عينيه وحديثه الهادى المسترسل . اخبرنى بصدق انه لو كان مكانى لفعل اكثر من ذلك ، ومازحته بانى لو منحت حينها دقيقتين اضافيتين لفعلت ماكان سيفعله . لم يتوانى فى الافراج عنى من سرايا النيابه ، ولم اتوانى فى ان اطلب منه تعهدا يلزم المحافظ بعدم الحاق اى ضرر بى او فى عملى ..وقد كان ،حتى ان سكرتير المحافظ قد طلب مقابلتى لتوضيح الامر . ذهبت اليه وقد ندمت على ذلك حتى انه حاول ارغامى على إرسال برقية اعتذار لسيادة المحافظ كنوع من تلطيف الاجواء . حقيقة قد اصابنى الارهاق من يوم لم اذق فيه النوم ،فقررت مجاراته فى الامر ووعدته بإنتظار رسالة اعتذار منى لسيادة الحافظ . خرجت من مكتبه ولايوجد فى عقلى سوى كلمات نجيب سرورالتى يختتم بها قصيدته "الحذاء" وهو يقول : " !كــرهت الالــه ..وأصبح كل اله لدى بغيض الصعر.. تعلمت من بومهــا ثــورتي ورحت أســير مع القـافلةعلى دربهــا المدلهم الطــويل لنلقـى الصــباح لنلقـى الصــباح !" .
لااعرف سببا لتغير وجهتى بدلا من المنزل متوجها الى سنترال بلدتنا العام . طلبت من موظف السنترال ورقة لاكتب فيها برقية سوف ارسلها . امسكت بالقلم الذى لم اعتاد وضعه فى مثل تلك المواقف المخزيه . تاملته قليلا قبل ان اشرع فى كتابة رسالتى التى ادرجت فيها اسما مستعار لاسلمها الى موظف السنترال الذى وقف مشدوها للحظات وهو يحملق بى محاولا استدراك الامر.نادى على بدافع الفضول لاعود بادراجى اليه متناولا الورقه من يده وقد اخدت اقرا ماكتبت بصوت مسموع لكل من فى المكان قائلا : إحنا شعبين شعبين شعبين. الزمت الموظف بإرسال البرقية ، ورفضت ادراج اسمى الحقيقى .. ليس خوفا على شخصى ، ولكن خوفا على اشخاص يهمنى امرهم ولا ارغب فى ايذائهم بسببى . لم تمضى سوى سويعات قليله حتى فوجئت بان نصف بلدتى تقريبا يعرفون بتلك الواقعه ، والاغرب انهم عاملونى كبطل شعبى وقت ضد الظلم . تملكتنى السخريه من الناس فهم عاملونى كبطل قد استرد بعض من كرامته ، والتى يرونها جزءا من كرامتهم المندثره اسفل ركام القهر والخضوع . اردت ان اخبرهم بان مافعلته هو امر طبيعى لكل من يعرف بعضا من الحريه ، واخرون قد ادعو جنونى وتهورى . حتى انى قد منحت لقبا جديدا من اصدقائى وهو : من قال ان الملك عريان . سخرت حين جال بخاطرى ماقد يحدث حين يعرف سيادة الحافظ انى قد غدوت بطلا على حساب غبائه . ولكن وسط سخريتى شيئا ما قد ركلنى بشده فى عقلى جعلنى اتسائل قليلا وانا احاول البحث عن ذلك التسلسل المنطقى لكل تلك الاحداث . هل ماحدث لى هى تلك الخراف التى اخبرنى بها والدى الراحل عن الحياة منذ شهور قليله ، وانى قد بدات الان التهامها . ام انه كان يحذرنى من ان امسى فجاة واحد من خرفان اسودنا الطغاه . ........

: اتوجه بالشكر الى صديقتى "صفاء" صاحبة مدونة مقتطفات وعصفور فى الاسر لسؤالها عنى اثناء غيبتى الممتده . شكرا لاهتمامك بالسؤال عنى ايتها الصديقه...